Wednesday, 27 August 2025

 

دفاعاً عن الرهينة «أحمد بدر حسون»، المختطَف بأمر سعودي - أميركي (*)

◄«الجولاني» يبول في الكأس التي شرب منها ويختطف من شارك في صناعته وخلق ظاهرته الإرهابية

◄وثائق رسمية قديمة: لهذه الأسباب طلبت الولايات المتحدة وبريطانيا من النظام البائد اعتقاله في العام 2007، وطلبت السعودية إطاحته في العام 2009، قبل أن تنجح في ذلك في العام 2021 ، ثم باعتقاله في العام 2025  

 

(*) ـ تنويه من : فيكتوريا العُزَيزي (زوجة صاحب البلوغ)

«البوست» المنشور أدناه أملاه عليّ «نزار» أواخر آذار الماضي بعد اختطاف المفتي السوري السابق، الشيخ «أحمد بدر حسون»، وبعد تسريب معلومات عن تدهور حالته الصحية بسبب التعذيب في زنزانته الانفرادية في مقر المخابرات العامة السابقة في «كفر سوسة»، حيث ضُرب بأعقاب البنادق و وضُع حبل في رقبته مع التهديد بشنقه! واليوم، بعد أن  قرأت بالصدفة للمرة الأولى (فأنا لست سورية ولا أتابع أخبار سوريا اليومية) تقريراً عن أن «الجولاني» قرر«محاكمة» الشيخ، طلبتُ من«نزار» أن يسمح لي بنشر «البوست»، رغم مرور قرابة خمسة أشهر على كتابته، مع بعض الوثائق الواردة في كتابه الأخير «عشرة أيام هزّت بلاد الشام ..»، المتعلقة بالحرب السعودية - الأميركية على الشيخ «حسون» منذ العام 2005.

أدناه «البوست» كاملاً  دون أي تعديل باستثناء حذف معظم الفقرة المتعلقة باللقاء الذي جمع «نزار» والشيخ «حسون» في البرلمان الأوربي في «ستراسبورغ» في العام 2008 ، حين دُعي «الشيخ» لمخاطبة البرلمان. وكان أول وآخر لقاء بينهما وأشبه بـ «لقاء مصالحة» جرى ترتيبه من قبل النائب الفرنسية عن حزب الخضر في البرلمان الأوربي، السيدة «إيلين فلوتر Hélène Flautre»، خصوصاً بعد «التراشق الإعلامي» بينهما في العام 2003 وما بعد على خلفية دور الشيخ «حسون» في تجنيد المقاتلين والإرهابيين (وعلى رأسهم «الجولاني») وإرسالهم إلى العراق! (أعتذر عن بعض الألفاظ والتعابير الواردة في النص، ولكن هذا هو أسلوب «نزار»، ولا أوافقه عليه).

ملاحظة: كان من المقرر نشر البوست على صفحة فيسبوك الخاصة بـ«نزار» ، إلا أن شركة «ميتا / فيسبوك» عمدت في 17 آب إلى إزالة حسابه نهائياً دون أي سابق إنذار ، مع أنه يحتوي على أكثر من أربعة آلاف مقال و وثيقة خاصة، ورفضت رفضاً قاطعاً إعادته، رغم الاستئناف والوثائق التي قدمناها لها ( راجع التغريدة السابقة هنــا بهذا الخصوص).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نزار نيوف

   حين أقدم الإرهابي الدولي والجاسوس الإسرائيلي-البريطاني «أبو محمد الجولاني» يوم أمس على اختطاف المفتي السابق الشيخ «أحمد بدر حسون»،بالخداع والاحتيال، جرياً على عادته المزمنة ، كان يعلم (من الشيخين الوضيعين «عبد الفتاح البزم» و«أسامة الرفاعي») أنه فعل ما كان «آل سعود» والأميركيون طلبوا من الطاغية واللص الهارب «بشار الأسد» أن يفعله قبل عشرين عاماً، ولكنه لم يستطع لأنه ينحدر من طائفة أخرى! فاعتقال «مفتي سني» أمرٌ لا يمكن لـ«رئيس علوي» أن يفعله حتى لو حظي بغطاء من «أمّة الثقلين» كلها، وليس فقط من قبل لص وضيع كتاجر العقارات الإلهية «محمد عبد الستار السيد».

   من أصعب الأمور أن يجد المرء نفسه مضطراً أخلاقياً للدفاع عن رجل دين، خصوصاً إذا كان مثلي لا يؤمن بالله ولا ملائكته ولا كتبه ولا رسله ولا باليوم الآخر، ولا ببقية أركان الهبل والدجل الديني،ويعتبر الإسلام المحمدي عقيدة عنصرية إجرامية صنعها يهودي - تلمودي يُدعى «محمد بن عبد الله»،كان مريضاً بداء الصرع الذي تسبب له بتهيؤات شيطانية، ومهووساً بسلالة «أنبياء بني إسرائيل» ويعتبر نفسه واحداً منهم(1)! ولكن، في نهاية المطاف، أنت حين تدافع عن ضحية مثل الشيخ «حسون» أو غيره، إنما تُدافع (في اللاشعور وفي عقلك الباطن) عن نفسك وقيمك الخاصة، مهما بدا الأمر في ظاهره دفاعاً عن الآخر، «فهذه أخلاقنا وتلك أخلاقهم»، كما قال المغدور«تروتسكي». وقد اضطـُررتُ يوماً ما للدفاع علناً حتى عن «هشام الاختيار» نفسه، يوم اغتياله في تفجير «مكتب الأمن القومي» من قبل «ماهر الأسد» و«علي مملوك»، رغم  أنه هو شخصياً، وبيديه، من تسبب لي بالشلل الجزئي بواسطة «الكرسي الألماني»، وبعطب أبدي في العمود الفقري لا براء منه ولا زلت أعاني عقابيله حتى اليوم. وهذا ما أثار انتباه الأكاديمية والإعلامية اللبنانية - الأردنية الراحلة، الدكتورة «حياة حويك عطية»(القومية السورية وصديقة النظام البائد)، إلى حد أنها كتبت عن هذه «المفارقة» مقالاً في صحيفة «الدستور» الأردنية في العام 2012، حيث أبدت دهشتها من قدرتي على «تجنب الحقد الشخصي» إلى حد «نعي» رجل تسبب لي بالشلل و وضعني في زنزانة انفرادية طوال فترة اعتقالي(عشر سنوات متواصلة)!؟ وفي جميع الأحوال إن «حسون» رهينة ومعتقل بأمر سعودي - أميركي- بريطاني- تركي، كما سنرى من خلال بعض الوثائق والشهادات الرسمية التي يكشف عنها للمرة الأولى. وهذا وحده ما يجعله جديراً بأن يدافع عنه حتى واحد مثلي.

   بدأت قصتي مع المفتي المختطَف قبل أكثر من عشرين عاماً، حين اكتشفتُ دورَه المحوري في تجنيد الإرهابيين وإرسالهم للقتال في العراق وفق ترتيبات اتخذها النظام آنذاك على قاعدة «مقاتلة العدو استباقياً على أرضه قبل أن نقاتله على أرضنا»( وهي - بالمناسبة - عقيدة «بن غوريون» نفسها!!). فآنذاك،ودائماً وفق دوافع واشنطن،أو«ثوابتها الشرق أوسطية الثلاثة» (النفط وإسرائيل وممرات التجارة الدولية) منذ أن صاغها «إيزنهاور» في «عقيدة ملء الفراغ الشرق أوسطي» مطلع العام 1957، كان «المحافظون الجدد» يخططون لإكمال اجتياحهم للعراق باجتياح سوريا، كما أعلن وزير الدفاع«ديك تشيني» صراحةً حين كان يستعد لإعطاء إشارة بدء الغزو ليلة 20 مارس2003.وفي الليلة نفسها، وباقتراح من كلبة المخابرات البريطانية وزعيمة مافيا القصر الرئاسي،«أسماء الأخرس»،أرسل «بشار الأسد»ثلاثة من ضباط «الحرس الجمهوري» ( شقيقه «ماهر» و معه العميد «محمد سليمان» و العميد «بشير سليم قره فلاح»)، للاجتماع مع مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية «إيتان بن تسور  איתן בנצור» في عمّان، تحت رعاية الملك الجاسوس«عبد الله الثاني»، من أجل «استئناف المفاوضات مع إسرائيل، لقطع الطريق على الأميركيين وذرائعهم». لكن رئيس الحكومة «آرييل شارون»، وحين كشفت صحيفة «معاريف» اجتماع عمّان السري بعد أيام قليلة على حصوله، راح يرفس في جميع الاتجاهات قبل أن يرفض العرض ويتهم وزير خارجيته «سيلفان شالوم» ورئيس الموساد « مئير داغان» بالعمل من وراء ظهره مع خصمه «شمعون بيريز». لكن فاته أن يشير) ربما لأنه لم يكن يعرف ذلك بعد) إلى أن الجاسوس والعميل الإسرائيلي العتيق «عزمي بشارة»،الذي كان انتهى «للتو» من إلقاء خطبته الرثائية العصماء على ضريح «الأسد الأب» في القرداحة، ومن مقابلته مع قناة «الجديد»  اللبنانية، التي ندد فيها بـ«المعارضة السورية، عميلة السفارات والإمبريالية العالمية»، كما قال، هو من كان عرّاب ومنسق اجتماع عمّان، وليس أحد سواه (2)!

  حين وجد النظام طريقه إلى «بوابة النجاة» الإسرائيلية مسدوداً بسبب عناد «آرييل شارون»، لجأ إلى الخطة الاحتياطية البديلة، وهي إرسال المتطوعين لـ«الجهاد» في العراق. ويومها أوكل مهمة تجنيد هؤلاء لكل من مفتي دمشق«عبد الفتاح البزم»(هذا المنافق الحقير أصبح الآن عضواً في عصابة الإفتاء «الجولانية» بعدما كان وصف «الجولاني» بـ «زعيم الفئة الباغية التي قتلت من السنة أكثر مما قتلت من النصيريين»!) و مفتي حلب آنذاك «أحمد بدر حسون»، و رئيس «الفرع 251 » في المخابرات العامة «بهجت سليمان»، و«ماهر الأسد». وما لا يعلمه الناس هو أن المحامي «حسن عبد العظم»، رئيس «حزب الاتحاد الاشتراكي» الناصري(المعارض)،ونظراً لوجود بيئة حاضنة لحزبه في ريف دمشق (دوما،حرستا، عربين، حفير الفوقا، حفير التحتا،حلبون، قرى وادي بردى...إلخ)، شارك في عملية التعبئة بطلب خاص من صديقيه «مصطفى طلاس» و«عبد الحليم خدام»، وأرسل العشرات من أعضاء حزبه إلى العراق. أما المفارقة الأخرى فهي أن معظم من عادوا أحياءً من العراق أصبحوا لاحقاً (بعد إطلاق سراحهم في العام 2011) أعضاء في «لواء الإسلام» بزعامة «زهران علوش»،وتخلوا عن عقيدتهم القومية الناصرية، و/أو أنصاراً لعصابة «الجولاني» الحالية (أمثال المحامي «فواز بهاء الدين الخوجة»، الذي كان واحداً من 42 محامياً كلفهم رئيس شعبة المخابرات العسكرية، اللواء «حسن خليل»، ورئيس «مكتب الأمن القومي» بملاحقتي قضائياً في دعوى جماعية، أشبه بدعاوى «الحسبة» الإسلامية، دفاعاً عن النظام و«عبد الحليم خدام» على وجه التحديد، بعد أن كشفتُ في حلقتي الخاصة من برنامج «بلا حدود»/ الجزيرة، 15 آب 2001، جريمة إدخال ودفن 19 ألف برميل من النفايات الكيميائية المستوردة سراً من أوربا في البادية السورية من قبل «خدام» وأولاده بغطاء من «حافظ الأسد» شخصياً!!).

    كان رجال الدين هؤلاء، وغيرهم، يقومون بتعبئة المقاتلين دينياً قبل إرسالهم إلى «الفوج 101» في «الحرس الجمهوري» («معسكر جديدة شيباني» شمال غرب دمشق) من أجل إخضاعهم لتدريب عسكري قصير، قبل نقلهم بطائرات مروحية و باصات نقل عام مدنية إلى المطارين العسكريين في دير الزور والقامشلي شرقي سوريا(قرب الحدود مع العراق). وهناك كان يجري استلامهم من قبل العميد «أمين شرابة»، رئيس «فرع فلسطين / 235 » في المخابرات العسكرية (نائب رئيس «مكتب الأمن القومي» لشؤون مكافحة الإرهاب لاحقاً، والناجي الثاني من تفجير «المكتب» في العام 2012)،الذي كان يتولى عملية تسريبهم إلى العراق بالتعاون مع وجهاء عشائر محليين، فضلاً عن «سبعاوي ابراهيم التكريتي»،الأخ غير الشقيق لـلطاغية ورجل وكالة المخابرات الأميركية العتيق،«صدام حسين». ومن المعلوم أن «سبعاوي» لجأ إلى «فرع المخابرات العسكرية 243» في دير الزور فور سقوط بغداد في قبضة الاحتلال الأميركي. وكانت الدفعة الأولى من هؤلاء «الجهاديين» وصلت إلى العراق فعلاً منذ أن كانت قوات التحالف لا تزال تُحْشد في الكويت والسعودية والأردن. وقد شاركوا بالفعل في معركة مدينة «الحلة» جنوب بغداد (بتاريخ 1 نيسان /أبريل) ثم «معركة مطار بغداد» بعد ذلك بثلاثة أيام. وكان «الجولاني» نفسه في عداد الدفعة الأولى الذاهبة إلى هناك، قبل أن يعود على أثر سقوط بغداد، ومعه العشرات من المحبطين اليائسين الذين فوجئوا - كما النصّاب المشعوذ الفريق «سعد الدين الشاذلي» - بسرعة انهيار«جيش صدّام»، فضلاً عن عشرات القتلى من ريف دمشق وأرياف دير الزور والرقة وحلب... إلخ، الذين دُفنوا في العراق وجرى تشييعهم رمزياً والتعزية بهم في مناطقهم الأصلية في سوريا كـ«شهداء للواجب القومي والديني»! (أول لقاء للجاسوس «الجولاني» مع المخابرات البريطانية، وهذا ما لا يعلمه أحد بعد ويُكشف عنه للمرة الأولى، حصل حين اعتقاله آنذاك لبضع ساعات مع عرب وعراقيين آخرين في«الحلة»، قبل أن يُطلِق سراحَه ضابطُ المخابرات البريطانية «رودريك برايان ستيوارت Roderick Brian Stewart»، المعروف إعلامياً اليوم باسم «روري ستيوارتRory Stewart»، والذي كان جرى تعيينه للتو حاكماً لجنوب العراق ونائباً لـ«بول بريمر» هناك، رغم أن عمره لم يكن تجاوز الثلاثين عاماً إلا ببضعة أشهر! وسيكون «ستيوارت»، وزميله ضابط المخابرات البريطانية الآخر،الأكثر عراقة منه،«أليستر كامبل  Alastair Campbell »، بطل تلفيق قصة أسلحة الدمار الشامل العراقية في العام 2002 ، أولَ رَجُلـَيْ مخابرات غربيين يلتقيان «الجولاني» في «قصر الشعب»، بصفة «صحفيين»، بعد سقوط دمشق في قبضة التحالف السلجوقي - الإسرائيلي في 8 ديسمبر 2024)(3).

   بعد سقوط بغداد في 9 أبريل 2003، وترسُّخ الاحتلال الأميركي، اتسع نطاق التجنيد المخابراتي للجهاديين ليضم آلاف السوريين، فضلاً عن العرب الآخرين الذين فُتِحت لهم المطارات والمعابر الحدودية السورية، والذين كان يجري تسليمهم إلى «أمين شرابة» بالطريقة نفسها، فضلاً عن تدريب بعضهم، ممن ليس لديهم خبرات عسكرية سابقة، في «معسكر جديدة شيباني» نفسه! كما جرى تشكيل «وحدات لوجستية» أخرى عبر معظم المساجد في سوريا بإشراف«بهجت سليمان» شخصياً،للتجنيد والتعبئة وجمع الأموال لصالح «جهاديي» العراق. وكان في عداد هؤلاء «زهران علوش» و«الجولاني» و«عيسى الشيخ» و«حسان عبود»، و«شاهر جبر عمران/أبو البراء»(أحد مسؤولي التواصل بين «جبهة النصرة» والاستخبارات العسكرية الإسرائيلية في الجولان المحتل فيما بعد، حين كانت «النصرة» لا تزال في ريف دمشق الجنوبي والقنيطرة وقبل طردها إلى إدلب في العام 2018)...إلخ. هذا فضلاً عن جميع أو معظم أسماء قادة الإرهابيين والسفاحين الذين سيسمع الناس بأسمائهم لاحقاً (بعد مراسيم العفو التي أصدرها «بشار» عنهم في العام 2011)، سواء منهم من ذهب للقتال في العراق أو عمل في الخطوط اللوجستية داخل الأراضي السورية. وأظن أنه لم يبق واحد منهم إلا و مرّ من تحت أيدي الضباط المدربين في معسكر «جديدة شيباني»، بمن في ذلك «الجولاني» نفسُه. بل إن «أبو بكر البغدادي» نفسَه قضى بضعة أشهر في دمشق وتدرب في المعسكر المذكور مع عراقيين آخرين!! أي أنهم كانوا جميعاً صناعة «ماهر الأسد» و «بهجت سليمان» و- بشكل أو آخر - صناعة الشيخ «حسون» والشيخ «البزم» وغيرهما من المفتين التابعين للخليفة البعثي «الفريق يزيد بن معاوية الأسدي» (حسب التسمية التي أطلقها عليه الصديق الدمشقي الراحل،المحامي والكاتب الساخر «مصباح الغفري»)!

   وغني عن البيان أن من بقي منهم في العراق انصرف لاحقاً إلى تفجير الكنائس والمراقد الشيعية (في سامراء و كربلاء)، وتنفيذ الأعمال الانتحارية في بيوت العزاء والأعراس الشيعية والمسيحية والأماكن العامة، بما في ذلك مكتب الأمم المتحدة في «فندق القناة» ، وليس إلى قتال الأميركيين! فالفقه السني - التلمودي القذر بمذاهبه كلها (لاسيما فقه المجرم المعتوه، الأكثر حقارة في التاريخ الإسلامي، «ابن تيمية»، ومعه فقه «أبو الأعلى المودودي» و«سيد قطب» في عصرنا هذا)، يقوم كله على قاعدة فقهية جوهرية فحواها «إن قتال العدو القريب (كل من هو غير سني أو«سني لايت» في الداخل) أوْجُبُ من قتال العدو البعيد (الأجنبي)». وهذه القاعدة الفقهية الثابتة عندهم هي ما يفسر - مثلاً - انصرافهم إلى قتال وقتل أبناء بلادهم  والابتعاد عن قتال الغزاة الأجانب والإسرائيليين، بل والتحالف معهم، كما يفعل اليوم ملايين السنة الأوغاد وهم يرون المذبحة والإبادة التي يتعرض لها إخوانهم من «سُنة غزة»؛ وكما فعلت عصابات الثورة الوهابية-الإسرائيلية السورية منذ العام 2012 حين تسلحت وتمولت من إسرائيل في جميع أنحاء الجنوب السوري حتى العام 2018 على الأقل؛ وكما فعل البربري الحقير الآخر «صلاح الدين الأيوبي» حين تحالف مع الغزاة «الصليبيين» لإطاحة «الدولة الفاطمية» العظيمة، صاحبة أول ثورة بورجوازية في التاريخ (بالمعنى العلمي التام لمفهوم الثورة البرجوازية : البلترة وفصل المنتجين عن وسائل الإنتاج، الرسملة، هيمنة التنقيد على سوق التبادل، تحويل رأسمال العقاري إلى صناعي ...إلخ).  

  أما القتال الفعلي للأميركيين في العراق فكان من نصيب «عماد مغنية»، الذي كان عمله مستقلاً عن المذكورين بطبيعة الحال، والذي انصرف (مع مساعده «علي موسى دقدوق»، قبل اعتقال هذا الأخير من قبل الأميركيين في «البصرة» ربيع العام 2007) إلى تشكيل وتدريب مجموعات المقاومة الشيعية المحلية الأولى وتزويدها بالسلاح والقنابل الخاصة المضادة للدروع (مطورة في مصانع «الحرس الثوري» الإيراني) لنسف الدبابات والمدرعات الأميركية والبريطانية. وقد أقرت تقارير أميركية وبريطانية رسمية (راجع الهامش 4 أدناه) بأن 70 بالمئة من القتلى الأميركيين والبريطانيين في العراق، فضلاً عن دباباتهم ومدرعاتهم، كانت من نصيب «عماد مغنية» و«دقدوق» و«قاسم سليماني» والمجموعات «الشيعية» التي دربوها، بينما حصد «الجهاديون السنة» (الزرقاوي، الجولاني، البغدادي...) رؤوس عشرات الآلاف من الأبرياء العراقيين ودمروا مراقد «أهل البيت» لمجرد أنهم «شيعة روافض»، وحاولوا في إحدى المراحل هدم ونبش حتى ضريح «سلمان الفارسي»، الرجل الأعظم في تاريخ الإسلام ولغزه الأكبر،الذي أنقذ - مع «أبي ذر الغفاري» و«علي بن أبي طالب»- جناحاً صغيراً من الإسلام من عملية التهويد التي كان بدأها النبي اليهودي- التلمودي «محمد» في يثرب تحت إشراف خمسة حاخامات أساسيين من معلميه الذين تعلّم على أيديهم الشريعة اليهودية وفقهها، قبل أن ينقلب على يهود يثرب - سياسياً- حين رفضوا تمويل حربه ضد شركائهم وحلفائهم الاقتصاديين من «الملأ المكي»، وبعد أن رفضوا الاعتراف به كـ «أحد أنبياء بني إسرائيل التوراتيين»(5).

֎֎֎

  أواخر العام 2003، وبفضل عقيد متقاعد من ريف دمشق (صديق وزميل سابق خلال خدمتي الإلزامية في القوى الجوية والدفاع الجوي،وأحد جرحى حرب العام 1982 مع إسرائيل على الأراضي اللبنانية)، علمتُ بقصة تجنيد هؤلاء «الجهاديين» وإرسالهم إلى العراق. فقد كان ابنه الوحيد «حسام» واحداً من المغرر بهم! ويومها لحق به إلى مطار دير الزور العسكري حتى تمكن من استعادته قبل ساعات فقط من تجاوزه الحدود إلى داخل العراق. وقد اعتمد في ذلك على «أمين شرابة» بحكم معرفة سابقة بينهما (كلاهما أبناء دورة واحدة في الكلية الحربية). ومنذ ذلك الحين بدأتُ حملة إعلامية على المفتي «حسون»، خصوصاً بعد أن أصبح المفتي العام للجمهورية في العام 2005، وبطبيعة الحال على رأس الأفعى «بهجت سليمان». فما كان من هذا الأخير إلا أن طلب من عملائه وزبانيته المسعورين «ميشيل كيلو» و «أيمن عبد النور» أن يشنا حملة تشهير ضدي (الأول في صحيفة «النهار» اللبنانية بمساعدة «رستم غزالي» الذي هدد «جبران التويني» و «سمير قصير» إذا لم ينشرا ما يكتبه ضدي، وتعهد بحمايتهما من الملاحقة القضائية إذا ما حصلت، كما أبلغاني في رسائل خطية اعتذارية قبل اغتيالهما؛ والثاني في مزبلته المسماة «كلنا شركاء»، التي كانت تشرف عليها «أسماء الأسد» و «حافظ مخلوف» مباشرة)! فقد كان الجاسوس والشبيح الرخيص «أيمن عبد النور» يعمل بمثابة ماشطة عند«أسماء»،إلى جانب أمه «الشاعرة»؛وكان - مع شريكه «سليمان معروف»-  أحد المسؤولين عن شراء فساتين «أسماء»وسكربيناتها من الأسواق الخارجية،الفرنسية والبريطانية والإماراتية،بل وحتى من أسواق «البحرين» نفسها، حين كان «بشار» و«أسماء» يكلفانه في العام 2002 بمهمات أمنية ومافيوزية هناك للتواصل مع مدير المخابرات البحرينية «عبد العزيز بن عطية آل خليفة» وضيوفه الإسرائيليين!) (6).

 أما الشيخ «حسون»، وللأمانة، فقد ردّ في موقعه الرسمي على اتهاماتي له - رغم قسوتها - بطريقة مهذبة، ولم ينحدر إلى سفالة «كيلو» و«عبد النور»، الناطقين آنذاك باسم «بهجت سليمان» و«حافظ مخلوف»، حين حوّل الأول («كيلو») ولاءه - بعد وفاة «الأسد الأب»- من خندق المخابرات العسكرية،الذي استمر فيه ربع قرن (منذ إطلاق سراحه في العام 1981 بموجب صفقة مع الفرع 227 في المخابرات العسكرية حتى العام 2001)، إلى خندق المخابرات العامة بعد وفاة «الأسد الأب»! ولم يتردد الشيخ «حسون» في أن يكون شجاعاً وأن يعترف لي، حين التقينا (للمرة الأولى والأخيرة) بعد ذلك بحوالي خمس سنوات في مقر البرلمان الأوربي في «ستراسبورغ»، بأني «قد أكون مصيباً وعلى حق فيما قلته وكتبته بشأن الخطر الذي يشكله هؤلاء الجهاديون على المجتمع السوري حين يعودون من العراق، كما فعل العائدون من أفغانستان سابقاً». لكنه دافع ، من حيث المبدأ وانطلاقاً من دوافع «وطنية / قومية في مقاومة الاحتلال الأجنبي، وليس من دوافع دينية فقط»، كما قال، عن توجه السوريين والعرب الآخرين لـ«الجهاد» في العراق ضد الاحتلال الأميركي. علماً بأنه نفى أن يكون تورط هو شخصياً في تجنيد هؤلاء عبر «جامع الروضة» في «حي السبيل» بحلب حيث كان يخطب ويؤم المصلين أسبوعياً. وكان من الطبيعي أن ينكر القصة كلها، فقد كان شخصية شبه رسمية تُحسب عليه أي كلمة ينطق بها، خصوصاً وأن النظام كان ينفي رسمياً وبشدة الاتهامات الأميركية والعراقية بتجنيد الإرهابيين!

   بعد قرابة أربع سنوت من «المناوشة الإعلامية» بيني وبين الشيخ «حسون» ، وفي 3 أيار / مايو 2007 على وجه التحديد، وكما أصبح معلوماً بالوثائق التي نشرتُ بعضها، أبرم «بشار الأسد» و «جورج بوش الابن» (من خلال «وليد المعلم») و«كوندوليزا رايس») تفاهماً أمنياً على هامش «مؤتمر شرم الشيخ لمكافحة الإرهاب في العراق» بالأحرف الأولى. وبعد ذلك بأسبوع قام «ديفيد ساترفيلد»، مساعد وزيرة الخارجية لشؤون العراق، بزيارة سرية إلى دمشق وأبرم التفاهم مع «بشار الأسد» بصيغته النهائية، والتي تضمنت البنود التالية (7):

تقوم سوريا بـما يلي: 

1(- تجفيف منابع الإرهاب ، بما في ذلك اعتقال جميع السوريين والعرب الذاهبين إلى العراق أو العائدين منه.( تطبيقاً لذلك، أقدم «الأسد» على اعتقال حوالي ثلاثة آلاف من هؤلاء ومن الذين كانوا يقومون بأدوار لوجستية ذات صلة في سوريا. وربيع العام 2011 أطلق سراحهم في أربعة مراسيم عفو متتالية، بناء على قرار «مكتب الأمن القومي» بتاريخ 19 آذار/ مارس 2011، وأمر أجهزته الأمنية بأن تغض النظر عن تسليحهم، لكي يركبوا الانتفاضة الشعبية مع شركائهم الآخرين الذين كانوا يتدفقون عبر الحدود الأردنية واللبنانية والتركية من بلدان أخرى بتمويل خليجي وإدارة استخبارية أميركية). (راجع وثيقة «مكتب الأمن القومي» المرفقة جانباً).


2) ـ  المساعدة في الوصول إلى «عماد مغنية»، بما في ذلك صور حديثة له لكي  يتم التعرف عليه (وهو ما حصل بعد ثمانية أشهر حين اغتياله في «كفر سوسة» مساء 12 شباط / فبراير 2008، بعد زيارة رجل الموساد «نتان جاكوبسون» إلى دمشق لتنسيق العملية، وكان يومها مسؤولاً عن «تجفيف منابع تمويل الإرهاب الفلسطيني واللبناني» في شبكات البنوك والمصارف الإقليمية والعالمية )؛

3)- سماح حكومة دمشق للطائرات الأميركية باختراق المجال الجوي السوري حتى عمق 20 كم ، وقواتها البرية حتى عمق 5 كم، بهدف مطاردة الإرهابيين (راجع الوثيقة المرفقة).

بالمقابل، تعمل الولايات المتحدة خلال شهرين على :

1)ـ رعاية اسئناف المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل؛ وهو ما كان بدأ فعلاً من خلال ما عرف باسم «المسار التركي/السويسري». وقد تمثل فيه النظام السوري بالدكتور «ابراهيم سليمان» (الذي زار إسرائيل علناً وألقى كلمة في «الكنيست»)، وتمثلت فيه إسرائيل من خلال مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية«آلون ليئيل»، بينما تمثلت الوساطة السويسرية بالديبلوماسي «نيكولاس لانغ Nicolas Lang ». ومن المعلوم أن هذا المسار التفاوضي كان توقف في الأيام الأولى لعدوان تموز 2006 على لبنان. وكانت المرة الأولى التي يذهب فيها مندوب رسمي سوري (ابراهيم سليمان) لمخاطبة الكنيست الإسرائيلي ...علناً،وليس سراً كما يحصل في هكذا أحوال، ويعقد مؤتمراً صحفياً في «فندق الملك داود» في القدس المحتلة؛ أي في المكان نفسه الذي ارتبط تاريخياً بزيارة «السادات» إلى إسرائيل في العام 1977!

2)ـ إزالة النظام السوري، بصفته الاعتبارية وبالصفة الشخصية لبعض ضباطه، من قائمة المتهمين باغتيال «الحريري» وتوجيه الاتهام إلى «حزب الله»! (وقد حصل ذلك رسمياً في 13 حزيران / يونيو 2007. وكنت يومها أحد مساعدي رئيس لجنة التحقيق الدولية في قضية «الحريري»، القاضي البلجيكي النبيل «سيرج براميريتز Serge Brammertz»، الذي استقال في اليوم التالي واستقلتُ أنا معه، فضلاً عن مساعدين تقنيين وإداريين آخرين، لأننا أدركنا أن قصة لجنة التحقيق مجرد «حفلة دعارة وتعريص مخابراتية دولية»). وكان «ديفيد ساترفيلد»، معاون وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون العراق، قام بزيارة دمشق سراً مطلع الشهر المذكور للاتفاق رسمياً على الصفقة (لأن الوزير «المعلم» لم يكن مخولاً بذلك،بل كان مجرد ناقل للعرض الأميركي في «شرم الشيخ»، كما أبلغني لاحقاً في رسالة خطية). وبعد ذلك بشهر واحد (مطلع تموز / يوليو 2007)، قام رجل الموساد الشهير «ناتان جاكوبسون Nathan Jacobson»،المسؤول عن«تجفيف منابع تمويل الإرهاب الفلسطيني واللبناني»، بزيارة سرية إلى دمشق (الصورة المرفقة جانباً)،حيث وضع الترتيبات الأخيرة لعملية اغتيال «مغنية»، لاسيما تأمين الشقق التي سينزل فيها فريق الكوماندوز الذي سيتولى عملية الاغتيال(وُضعت شقتان بتصرف الفريق،واحدة في «قرى الأسد/ الصبورة» لتفخيخ العجلة المستخدمة في الاغتيال،والثانية في «كفر سوسة»، لنصب الكمين. وكلتاهما كانتا من أملاك العميد الجاسوس).

علمتُ بقصة «الصفقة» للمرة الأولى من الوزير«وليد المعلم» في إحدى  الرسائل التي أرسلها لي بعد أيام من اغتيال «مغنية»، والتي طلب فيها بأن «لا تُنشر طالما أنه على قيد الحياة»، بعد أن أكد لي أنه «يعتمد في ثقته بي على شهامتي التي يعرفها منذ اعتقالي الرابع أواخر العام 1991». وكان يومها يتواصل معي (سراً من وراء ظهر السلطة) حين كنا نعمل  معاً في «وكالة الطاقة الذرية الدولية» في فيينا لدحض مزاعم الجواسيس خبراء الوكالة بشأن «المفاعل النووي» السوري المزعوم الذي دمرته إسرائيل في أيلول / سبتمبر 2007 نتيجة وشاية العميد الجاسوس «محمد سليمان»، وبشأن جزيئات «أوكسيد اليورانيوم ذات المنشأ البشري» و«الغرافيت المصنّع»، التي زعموا أنهم عثروا عليها في مواقع سورية. وبالتأكيد لم أخنْ «المعلم»، ولم أنشر أياً من رسائله إلا واحدة (ولكن بعد وفاته، رحمه الله، كما يقول المؤمنون، ولست منهم). وبعد ذلك جاءت وثائق التحقيق التي أجراها «مكتب الأمن القومي» والمدعي العام العسكري، العميد «جورج طحان»، و«المخابرات العكسرية» في العام 2008، والتي حصلت على عدد منها ونشرت بعضها في تحقيق مطول بالإنكليزية عن لغز اغتيال «مغنية»، لتؤكد ما قاله «المعلم». لكن النظام حمّل في وثائقه السرية مسؤولية اغتيال «مغنية» إلى «محمد سليمان» حصراً رغم أنه كان مدير المكتب العسكري الخاص لكبير الجواسيس «بشار الأسد». وكان ذلك  بعد أن أقدم «حزب الله» على إعدام «محمد سليمان» في طرطوس، بينما كان «بشار» على متن طائرته متوجهاً إلى طهران التي طلبت منه عدم إحضار «سليمان» معه كما كان مقرراً. وكانت عملية الإعدام بالتعاون مع «آصف شوكت» الذي كان - للأمانة - أول من أحس بعلاقة «سليمان» مع أجهزة الاستخبارات الأميركية  والفرنسية، وربما الإسرائيلية أيضاً، منذ صيف العام 2006 على الأقل! ( شكراً لكل من ساهم في إعدام هذا الجاسوس السافل، ومن أعطى الأمر بإعدامه). 

«حسون» في قلب دريئة الاستهداف الأميركي - السعودي:

   بسبب دوره في تعبئة «المجاهدين» وإرسالهم إلى العراق، ولكونه إنساناً منفتحاً و«علمانياً» (كما وصف نفسه ذات مرة، حسب فهمه الخاص لـ «العلمانية»)، والحاجة إليه سياسياً في الغرب كوجه إسلامي يمكنه تجميل صورة سوريا والمساهمة في إزالة القبح والقذارة التي لحقت بالإسلام عموماً على أيدي ضباع الإسلام السني اليهودي/ التلمودي بعد جريمة «11 سبتمبر» الإرهابية، عُين الشيخ «حسون» مفتياً عاماً للجمهورية في العام 2005. إلا أن تعيينه في هذا المنصب الديني الأول، وبخلاف ما كان يأمل منه النظام، سرعان ما لاقى غضباً كبيراً في الولايات المتحدة والسعودية، اللتين اعتبرتا تعيينه «تحدياً واستفزازاً» لهما، وداخل سوريا نفسها من قبل وزير الأوقاف «محمد زياد الأيوبي» ونائبه «محمد عبد الستار السيد»، ومن قبل هذا الأخير بضراوة أشدّ بعد أن أصبح هو الوزير في العام 2007. وكان سبب غضب واشنطن هو «دور حسون في تجنيد الجهاديين» وإرسالهم إلى العراق، بينما كان غضب السعودية بسبب موقفه من عقيدتها الوهابية ومحاربته للوهابيين. أما الأوربيون، وهذا ما كان لافتاً، فقد عمدوا إلى توجيه دعوة له لمخاطبة برلمانهم صيف العام 2008. وقد وصل الأمر بالولايات المتحدة يومها، كما أبلغني الوزير «المعلم»، إلى حد المطالبة باعتقاله صيف العام 2007،أو على الأقل عزله من منصبه، خلال زيارة «ديفيد ساترفيلد» السرية المشار إليها أعلاه. وقد استخدموا في ذلك أشرطة لخطبه التعبوية ضدهم في حلب. وهو ما فعله أيضاً،في الفترة نفسها تقريباً،السفير البريطاني في دمشق «سايمون كوليسSimon Collis »، وكذلك وزارة الخارجية البريطانية من خلال رسالة شفهية خاصة نقلها الدكتور «فواز الأخرس»، حَمُو «بشار الأسد» و رئيس «جمعية الصداقة البريطانية-السورية» في لندن، من وزيرة الخارجية «مارغريت بيكيت Margaret Becket». ولكن النظام رفض تلك المطالبات كلها، رغم أنه وافق على المطالب الأميركية الأخرى الأكثر تطرفاً وانتهاكاً للسيادة الوطنية. وفي 6 و 9 سبتمبر من العام 2009 ، وخلال تسلم الوزير «المعلم» و «بشار الأسد» أوراق اعتماد السفير السعودي الجديد في دمشق «عبد الله بن عبد العزيز العيفان»، لم يتردد هذا الأخير في إثارة قضية المفتي «حسون» واعتبار وجوده على رأس دار الإفتاء السورية «أمراً لا يليق بمكانة وشهرة العلماء السوريين المعروفة في أرجاء العالمين العربي والإسلامي»! أما مدير المخابرات السعودية «مقرن بن عبد العزيز»،وخلال زيارته إلى دمشق قبل ذلك بسبعة أشهر، فلم يتردد في إثارة  قضية المفتي «حسون» حتى مع رئيس مكتب الأمن القومي «هشام الأختيار» خلال وداع هذا الأخير له في مطار دمشق، كما يتضح من تقرير«الاختيار» إلى «بشار الأسد» بتاريخ 15 / 2 / 2009 (راجع الوثيقة المرفقة جانباً بعد الضغط عليها). 


ويتضح من مضمون التقرير أن السعودية كانت تريد عزله من منصب المفتي بسبب موقفه من الوهابية (تضييقه على رجال الدين المحسوبين على السعودية، كما قال«مقرن»)، وانخراطه في أنشطة دينية تحت عنوان «التقريب بين المذاهب»، الأمر الذي اعتبرته السعودية «رعاية رسمية لانتشارالإسلام الشيعي على حساب الإسلام السني العربي»، أو بالأصح ( وفق قراءتي الخاصة) : «إسلام محمد النصراني / تلميذ أبي طالب و سلمان الفارسي، على حساب محمد اليهودي ، آخر أنبياء بني إسرائيل وتلميذ حاخامات يثرب». فالحقيقة التي لا يتجرأ مسلم مؤمن واحد على الاعتراف بها هي أنه ليس هناك سوى إسلام حقيقي واحد هو الإسلام الفارسي الذي وضع أساسه «سلمان» و«علي بن أبي طالب» و«أبو ذر الغفاري» استناداً إلى نصرانية دعوة «محمد» في مكة ومذهب عمه «أبي طالب» الحنيفي النصراني؛ أما الإسلام الآخر (السني) فليس سوى أحد مذاهب اليهودية كما الحريدية والحسيدية والمكابية والفريسية ..إلخ! ومن المعروف، حتى لمن ذاكرته سمكية، أن الإعلام الخليجي، الرسمي و/أو الممول نفطياً وغازياً، شن ولا يزال حملة شعواء على «حسون» بتهمة «نشر التشيّع» في سوريا. وفي بعض الأحيان وصل هذيان هذا الإعلام التهريجي الرخيص إلى حد اتهامه هو شخصياً بأنه «متشيع سراً»!!

    لكن ما لم تنجح السعودية والولايات المتحدة في تنفيذه سابقاً، نجحتا في تنفيذه أواخر العام 2021 في سياق عملية «التطبيع العربي» لوضع نظام «بشار الأسد». وطبقاً لما أبلغني به الراحل «وليد المعلم» خطياً في 23 شباط / فبراير 2020، فإن «السعودية عادت إلى مطلبها القديم بإقالة الشيخ المفتي حسون، بسبب الكراهية العمياء التي تكنها له، ولأنها تعتبره أحد عناوين إيران الدينية في سورية (..) وأن إقالته يمكن أن تشكل بادرة حسن نية إزاء الدول العربية والولايات المتحدة . كما أنها أبلغتْ اللواء علي مملوك خلال زيارته غير المعلن عنها الأسبوع الماضي [ أواسط شباط / فبراير 2020] إلى الرياض. ولهذا فإن القيادة [بشار الأسد و قيادته القطرية ومكتب الأمن الوطني] تدرس الآن مع بعض الأوسط الدينية إمكانية إلغاء منصب مفتي الجمهورية ككل، فتكون إقالة أتوماتيكية للشيخ حسون دون أن يبدو الأأمر مقصوداً بذاته،لأن عزله سيشكل رسالة سيئة إلى قطاع كبير من المسلمين في سوريا، خصوصاً الحلبيين منهم، و يمكن أن يُفهم على أنه رضوخ لمطالب تركيا التي لها الموقف السعودي نفسه من الشيخ منذ العام 2012، وإنْ لأسباب تتعلق بموقفه الحازم منها ومن تدخلها في الشمال السوري... إلخ».  

    وهكذا، كما توقع «المعلم» فعلاً قبل وفاته، ألغي منصب «المفتي» في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021  لصالح «المجلس العلمي الفقهي» في وزارة الأوقاف،الذي كان «الأسد» أنشأه أصلاً في العام 2018 بطلب سعودي وبصلاحيات موسعة لمحاصرة «حسون»، وأسند رئاسته للمافيوزي القذر تاجر العقارات الإلهية «محمد عبد الستار السيد»، والذي بقي على رأسه حتى سقوط النظام، قبل أن يعيد الجاسوس «الجولاني» إحياء منصب«المفتي» مرة أخرى ويسنده إلى الإرهابي الدمشقي-الحموي«أسامة الرفاعي»، كلب المخابرات التركية والتلميذ النجيب للإرهابي الدمشقي العتيق «حسن حبنكة الميداني». وهذا الأخير كان (كعادة الإسلاميين دوماً)أحد كلاب السفير البريطاني في دمشق «تريفور إليس إيفانس Trefor Ellis Evans»، وهراوة من هراوات التآمر البريطاني - السعودي - الأردني لإسقاط نظام «الأتاسي - زعيّن - جديد» لصالح وزير الدفاع «حافظ الأسد»، والرجل الذي نادى في ربيع العام 1967 بالنفير العام ضد ذلك النظام بسبب نصف سطر(عشر كلمات فقط لاغير) وردت في مقال ساذج كتبه صف ضابط شاب متحمس يدعى«ابراهيم خلاص» ونشرته مجلة «جيش الشعب» ( لسان حال «الجيش العربي السوري») في بريد القراء. وقد وردت في المقال الجملة التالية حرفياً، التي أقامت سوريا ولم تقعدها بسبب دسائس السفارة البريطانية وزبانيتها:«إن الله والأديان والإقطاع والرأسمال والاستعمار(...) ما هي إلا دمى محنطة في متاحف التاريخ»! ويومها عمدت السفارة ، بأمر السفير« إيفانس» وبالتنسيق مع وزير الدفاع «حافظ الأسد»، إلى تصوير المقال الصبياني الساذج وتوزيعه عبر عملائها الإسلاميين الكلاب في جميع مساجد دمشق و مساجد المدن الرئيسة الأخرى. وهو ما أقدم عليه «الأسد» أيضاً من خلال محاسيبه وأزلامه في الجيش (لاسيما مدير مكتبه «الرائد عزالدين إدريس») وفي القطاعات المدنية والتجارية الدمشقية بهدف التحريض الاجتماعي والديني الخبيث على رفاقه. ولولا ذلك لما كان رآه أو قرأه أو سمع به أحد! (الوثائق والشهادات البريطانية المتعلقة بهذه القصة،وبقصة تآمر «الأسد» مع المخابرات البريطانية ونظام الهاشميين الصهاينة في الأردن على تلطيخ سمعة الشيخ العلوي «عبد الرحمن الخير» في صحيفة«الحياة»التي كانت تديرها المخابرات البريطانية من خلال رجلها العتيق «كامل مروة»، أوردتُها في كتابي «عشرة أيام هزّت بلاد الشام »، الوارد ذكره في الهوامش أدناه).     

    تلك هي قصة الشيخ المغدور«حسون»والسبب الفعلي لاعتقاله بأوامر الأميركيين والبريطانيين والسعوديين.ولا أستبعد،إن نجا من زنازين جاسوسهم«الجولاني»، وهذا غير مرجح، أن ينتهي به الأمر إلى سجن ...«غوانتانامو»!

29 آذار/ مارس 2025 ، مشفى كرويدون الجامعي ـ لندن.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ـ الأعراض المرَضية التي أخبرتنا بها مرضعتُه ومربيتُه «حليمة السعدية»، ونقلها لنا «ابن هشام» في «السيرة» ، تؤكد أن النبي «محمد» كان مصاباً بداء الصرع Epilepsy، الذي يقال عنه بالتعبير الشعبي السوري « بيوقع بالساعة». وهو حالة من التشنجات العضلية وفقدان الوعي ناجمة عن نشاط كهربائي غير طبيعي في الدماغ، يجعل المريض يسمع ما يشبه طنين النحل في أذنيه، وتتهيأ له صور وهمية لأشخاص أو أشياء ...إلخ . وهذا ما حصل مع النبي - مثلاً- حين توهم في سورة «النجم» أنه رأى ذلك الكائن الخرافي المسمى «جبريل»، فوصفه لنا وصفاً سينمائياً هوليوودياً درامياً في الآية 9 من الآية :«ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ»). وبشأن السورة نفسها، يعترف معظم المسلمين المتهودين (مثل «ابن كثير» و «ابن جرير») أن «الشيطان» ألقى على لسان النبي تقريظه ومدحه لـ «آلهة المشركين»( ما يعرف بقصة «الغرانيق»). فذات يوم، وحين كان في المسجد مع أصحابه، تلا الآيتين (19-20) من السورة، اللتين تقولان «أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى». وبعد أن انتهى منهما أضاف آيتين تقولان « تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى»، قبل أن يتراجع عن ذلك مدعياً أن «الشيطان ألقى على لسانه» مدْحَ آلهة قريش في هاتين الآيتين،كما أخبرنا «البخاري» و«الطبري»،وغيرهما، وإن بصيغ مختلفة قليلاً.

   على أي حال، ما يجهله عموم المسلمين أن نبيهم يهودي وفق الشريعة اليهودية، كون أمه «آمنة بنت وهب النجّارية» يهودية، فضلاً عن أن جدته العليا «سلمى بنت عمرو النجارية»، زوجة «هاشم بن عبد مناف»، هي يهودية أيضاً. وما يجهله هؤلاء أكثر من ذلك هو أن النصوص القرآنية التي كتبت في «يثرب» (الآيات والسور المدنية) ، بعد فرار النبي إلى عند أخواله اليهود ليستقوي بهم ويتحالف معهم ضد قريش ( وليس لأنه كان مضطهداً في مكة كما تزعم الأكذوبة المعروفة)، كانت - لاسيما منها التي تتخذ شكل أحكام شرعية وقوانين- نَسْخاً شبه حرفي عن «التناخ» (التوراة + الكتوبيم כתובים / الكتب+ النيفيئيم נביאים / الأنبياء) والتلمود ( بشروحاته المختلفة في «المشناه» و «الجمارا»). وكان الكثير منها،بخلاف الهلوسة والهراء والهبل المتعلق بـ «جبريل»،إملاءً مباشراً من الحاخامات، أمثال: «حُصين أبو يوسف الإسرائيلي» (= عبد الله بن سلام)، «كعب (عكيفا) بن ماتع الحميري»، «منبه بن كامل بن سيج اليماني الصنعاني»، وهو والد الحاخام الشهير«وهب بن منبه».وكان «عكيفا» مستشاراً للخليفة «عمر بن الخطاب» و لـِ«معاوية بن أبي سفيان» للشؤون الدينية. وهو من أشار عليهما ببناء «المسجد الأقصى» في «إيلياء» (بيت هامقداش בית המקדש/ الهيكل اليهودي في القدس المزعومة)لأنه «القبلة اليهودية التي كان يصلي إليها النبي محمد وأصحابه» في بداية دعوتهم. وهو(أي «عكيفا») من كان يوحي أحياناً لـ «عمر» ببعض النصوص والآيات، فيقوم «عمر» بإبلاغها للنبي «محمد»، فيقوم هذا الأخير بدحشها في النصوص القرآنية ويدّعي أن «جبريل» جاء بها من عند الله! وقد اعترف المسلمون المتهودون (المسلمون السنة) بذلك ضمناً في سياق نقاشاتهم للقضية الفقهية المعروفة باسم «موافقات عمر»( موافقات الله لعمر بن الخطاب). فهم يزعمون أن الله كان يلقي بآياته، لا سيما ما يتصل منها بالأحكام الشرعية، على لسان «عمر»،وأشهرها فبركة قصة «مقام ابراهيم» في الكعبة، و«حجاب المرأة» و«رجم الزانية»... إلخ! وقد عالجتُ قضية يهودية النبي «محمد» والاسلام كمذهب يهودي في كتابي «الإسلام التلمودي والإسلام الطالبي، 1989» (صادرته وأحرقته المخابرات العسكرية  قبل توزيعه، بطلب من وزير الأوقاف «عبد المجيد طرابلسي» ورئيس الوزراء«محمود الزعبي»، باستثناء خمس نسخ لا تزال محفوظة في «مركز الإيداع القانوني / مكتبة الأسد»، عملاً بالمرسوم 17 للعام 1983،القاضي بإحداث «المكتبة» وتحديد وظيفتها).

(2) ـ اعتاد «عزمي بشارة» ، كأحد رجال «الموساد» منذ أن كان طالب دكتوراه في جامعة «هومبولت» في «برلين الشرقية» في العام 1985، حين كشفته مخابرات ألمانيا الشرقية وحققت معه،على نقل الرسائل بين «حافظ الأسد» و«إسحاق رابين» منذ مطلع التسعينيات إلى حين اغتيال هذا الأخير في العام 1995. وكان يكتب الرسائل على ورق محارم كلينكس ملوثة بالمخاط عمداً، استجابة لنصيحة «رابين» له، لكي لا يفتشها عملاء جهاز«الموساد» ويقوموا بتسريبها إلى وسائل الإعلام أو إلى خصومه السياسيين! وقد سبق أن نشرتُ بعض وثائق ملفه لدى استخبارات ألمانيا الشرقية السابقة،الذي يتضمن 19 وثيقة، حول علاقته بالموساد والمهمات التي كلف بها، لاسيما البحث عن الملف الطبي للقائد الشهيد «وديع حداد» بعد تسميمه من قبل «صدام حسين» لصالح الموساد و مستشار الأمن القومي «زبغنيو بريجنسكي»،وعن الشقة السرية التي كان ينزل فيها الدكتور«جورج حبش» خلال زياراته إلى ألمانيا (راجع بهذا الخصوص أيضاً مقدمتي للجزء الأول من كتاب «فيكتور إسرائيليان : داخل الكريملن خلال حرب أكتوبر  وما بعدها».

   وفيما يتعلق بتقرير «معاريف» عن اجتماع «بن تسور» مع «ماهر الأسد» ورفاقه الضباط في عماّن، لم أستطع الدخول إلى أرشيف الصحيفة، لكن هنا تقرير في الطبعة العبرية من «ها آرتس» في 9 يوليو 2008 يستعيد قصة اللقاء وتداعياته في إسرائيل:

https://www.haaretz.co.il/hblocked?returnTo=https%3A%2F%2Fwww.haaretz.co.il%2Fnews%2Fhealth%2F2008-07-09%2Fty-article%2F0000017f-e163-d9aa-afff-f97bc2d50000

(3) ـ في القسم الثالث (وهو بعنوان «الأيام العشرة الأخيرة من قَرْن سايكس - بيكو») من كتابي « عشرة أيام هزّت بلاد الشام ، نظام الأسد قياماً وركاماً – 1964-2024»، الذي يبحث عن ناشر منذ خمسة أشهر، عالجتُ مراحل تجنيد «الجولاني» بالتفصيل، وبالوثائق والشهادات البريطانية الرسمية، منذ لقائه الأول بالمصادفة مع «رودريك ستيوارت» في مدينة «الحلة» العراقية وحتى «مكالمة التهنئة» التي تلقاها من مدربه «جوناثان باول»، مستشار الأمن القومي البريطاني، مساء 8 ديسمبر 2024 ، مروراً بلقاءاته مع ضباط المخابرات العسكرية الإسرائيلية (خصوصاً «جاك نيريا») في أنطاكيا بلواء اسكندرون المحتل، ومع مندوبة المخابرات البريطانية والإسرائيلية «كلير حجّاج- شابيرو»، التي التقته في «مخيم اليرموك» و«الحجر الأسود» صيف العام2011  وسلمته هدية من رئيسها «جوناثان باول» عبارة عن «لابتوب» متطور جداً بمعايير تلك الأيام، يتضمن جهازاً مربوطاً مع الأقمار الصناعية لتحديد مكانه على مدار الساعة، على غرار الأجهزة التي يضعها العلماء في رقاب الحيوانات البرية بهدف تتبع حركة تنقلاتها!

 (4)ـ هنا بعض تقارير وكالات المخابرات الأميركية والبريطانية والجيشين البريطاني والأميركي،كما سربتها «واشنطن بوست» و«فايننشال تايمز» و«ميليتاري تايمز» و« ديلي تلغراف»، عن «المذابح» التي اقترفها «مغنية» و«سليماني» بجنود الاحتلال الأميركي والبريطاني في العراق، في وقت كان «الزرقاوي» ومعاونه «الجولاني» مشغولين بتفجير المقامات الشيعية والأعراس والبيوت العزاء وذبح «الروافض» و«الإيزيديين» و«المسيحيين» والأكراد (بطوائفهم المختلفة)، بالتنسيق مع مشغليهم:/

 https://www.washingtonpost.com/national-security/2020/01/03/soleimanis-legacy-gruesome-high-tech-ieds-that-haunted-us-troops-iraq/

-https://www.militarytimes.com/news/pentagon-congress/2015/07/14/iran-linked-to-deaths-of-500-u-s-troops-in-iraq-afghanistan/

-https://www.telegraph.co.uk/news/1526809/Three-Iranian-factories-mass-produce-bombs-to-kill-British-in-Iraq.html

(5) ـ  ليس هنا مجال الخوض في هذه القضية التاريخية - الفقهية، فقد عملت عليها طوال عشرات السنين كما يعرف البعض. مع ذلك، يمكن الإشارة سريعاً إلى أن الدعوة المحمدية كانت في البداية (في مكة) حنيفية(=نصرانية)، ولهذا كان يطلق عليها الملأ المكي اسم «الصابئة»، التي تشير إلى المعنى نفسه لتعبير«أحناف»، أي «المائلين/ المنحرفين» عن دين قومهم. وبعد أن هاجر إلى يثرب للاستنجاد بأخواله اليهود والتحالف معهم ضد «قريش»، تحول إلى اليهودية؛علماً بأن الدعوة «الحنيفية/ النصرانية» ( وليس المسيحية الرسولية الرومانية التي ولدت مطلع القرن الرابع بقرار من الإمبراطور الروماني)، وهي التي ولدت في الحجاز حوالي القرن الثالث على أيدي فلسطينيين فروا من «إيلياء» ( القدس) بسبب الاضطهاد الروماني، كانت لا تزال تتعبد بالأسفار الخمسة الأولى من التوراة فقط،التي اعتبرتها«أسفار موسى». أما تحول «محمد» إلى اليهودية الحاخامية فكان على أيدي خمس حاخامات أساسيين من أساتذته، وهم : 1- «منبه بن كامل بن شيج الصنعاني» ؛ 2 - ابنه «وهب بن منبه»(صاحب كتاب «التيجان في ملوك حِمْيَر»، وهو أول كتاب يُكتب في تاريخ العرب والمسلمين المتهودين، والذي عاش مع النبي وعلّمه في «يثرب» ثماني سنوات على الأقل، بخلاف الهبل الإسلامي الذي يصفه بأنه من «التابعين»)؛ 3- «عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي»،4- «عكيفا/ كعب بن ماتع الحِمْيري»، 5- « بنيامين بن كعب/ عكيفا النضيري الإسرائيلي». وقد رسّخ النبي الطابع اليهودي لدعوته بعد «فتح مكة» وتحالفه الخياني الإجرامي مع «السفيانيين»(انسوا الهبل والدجل السني والشيعي عن النبي «محمد»، فهؤلاء المعاتيه لا يعرفون شيئاً عنه سوى الخزعبلات والروايات الحيزبونية المجنونة التي وصفت هؤلاء الحاخامات،فضلاَ عن عشرة حاخامات يهود آخرين على الأقل، بأنهم «يهود أسلموا وأصبحوا من الصحابة أو التابعين»، فقط لطمس يهودية النبي «محمد»، مثلما طمسوا السبب الفعلي لهجرته، وهو الاستنجاد بأخواله يهود يثرب والتحالف معهم ضد قريش، باعتباره - وفق الشريعة اليهودية -  يهودياً من ناحية أمه «آمنة بنت وهب النجّارية» وجدّته العليا «سلمى بنت عمرو الخزرجية النجّارية»، زوجة «هاشم بن عبد مناف»).

  هناك مستشرقون تحدثوا عن تأثر محمد والإسلام باليهودية والمسيحية، أمثال:«جوزيف هورفيتز Josef Horovitz»، «غوستاف فايل Gustav Weil »، «إغناتش غولدزهير Ignác Goldziher». إلا أنني، ودون أي تواضع زائف، أول من برهن تاريخياً وفقهياً في كتاب «الإسلام التلمودي ...، 1989» على أن  الإسلام أصبح مذهباً يهودياً، وليس ديناً مستقلاً بذاته، بعد هجرة «محمد» إلى يثرب، وبشكل خاص بعد فتح مكة وتحالفه مع العميل البيزنطي «أبو سفيان». علماً بأن بعض الفقه اليهودي تسلل أيضاً إلى الفقه الشيعي، لاسيما منه فقه الشيعة العرب. كما أنني أول من قدم أدلة حسية على أن «معاوية» كان يهودياً، وأول من سك الشمعدان اليهودي/ المينورا على العملة الأموية بعد أن جعل من «معبد إيلياء» (الهيكل اليهودي / «بيت هامقداش» في القدس المزعومة) قبلة لمن أطلقوا على أنفسهم «مسلمين»، بدلاً من الكعبة التي جرى تدميرها وحرقها بالمنجنيق قبل ذبح أهل مكة، شيباً وشباناً، وسبي واغتصاب نسائها من قبل الأمويين المتهودين!

(6) ـ غني عن البيان أن «ميشيل كيلو» كان عميلاً رسمياً لشعبة المخابرات العسكرية ، ثم المخابرات العامة (نشرتُ سابقاً بعض وثائق ملفه)، قبل أن يصبح - بعد العام 2012- عميلاً رسمياً لرئيس محطة وكالة المخابرات المركزية في دمشق وبيروت «ماثيو/ مات إروين  Matthew/ Matt Irwin ». أما «أيمن عبد النور» فتطور عمله من خزمتشي عند «حافظ مخلوف» و «غرسون» عند «أسماء الأسد» ومسؤول عن تسوق أحذيتها وملابسها والترويج لها على واجهة مزبلته «كلنا شركاء»، ومن مبعوث أمني خاص لـ «بشار الأسد» إلى البحرين في العام 2002، إلى عميل رسمي لإسرائيل تحت رعاية الجاسوس «علي مملوك» الذي كان يرعى، بصفته مدير إدارة المخابرات العامة، شبكة من العملاء والجواسيس تضم - إضافة إلى المذكور - كلاً من : «نبيل فياض» ، «سمير سعيفان»، «سمير التقي» وقحبة «الجولاني» في أيامنا هذه، الوزيرة «هند قبوات بنت عتبة»، والنصاب «سامي مروان مبيض»، الذي ينتحل صفة مؤرخ. وهذا الأخير،الأمر الذي لا يعرفه أحد وعلمته أنا بالمصادفة خلال بحثي في أراشيف «الوكالة اليهودية»،كان جده والده أمه،« عدنان العلبي»، جاسوساً للحركة الصهيونية وأحد أعضاء شبكة جواسيس الحركة الصهيونية في «الكتلة الوطنية» التي كانت تبيع الأراضي السورية والفلسطينية (في ريف درعا ودمشق والقنيطرة والجليل الفلسطيني) إلى «الوكالة اليهودية» و«الصندوق القومي اليهودي» خلال ثلاثينيات القرن الماضي! ( كانت شبكة الجواسيس تضم عدداً كبيراً من قادة «الكتلة» وحلفائها، وعلى رأسهم الدواويث الأوغاد: «شكري القوتلي»؛ « لطفي الحفار»؛«جميل مردم بك»، «يوسف العيسمي» / والد القيادي البعثي الشهير «شبلي العيسمي» و رئيس أركان «الثورة السورية الكبرى» في العام 1925 التي وقفت وراءها المخابرات البريطانية؛ «بدر الدين الشلاح» (المستشار الاقتصادي لـ«حافظ الأسد» لاحقاً)؛ «سعد الله الجابري»؛ «نسيب البكري»، «سليم سلام» ( جد رئيس الوزراء اللبناني الحالي، الجاسوس «نواف سلام»)؛ الأمير «عبد الرزاق سعيد عبد القادر الجزائري»(الستاليني – البكداشي)، الذي تهود لاحقاً وأطلق على نفسه اسم «دوف جولان» وطلب قبيل وفاته في العام 1998 من الحكومة الإسرائيلية دفنه في مقبرة يهودية في مستعمرة «أفيكيم אפיקים » الإسرائيلية قرب بحيرة طبريا، الأمر الذي تحقق له بأمر من رئيس الحكومة «بنيامين نتنياهو».... إلخ. وقد عالجتُ قصة هؤلاء الأوغاد الجواسيس الذين ينتحلون صفة «أبطال الاستقلال» في كتابي الوثائقي غير المنشور: «دمشق الصهيونية : وثائق أراشيف الوكالة اليهودية وأجهزة المخابرات الأوربية عن اختراق الحركة الصهيونية وإسرائيل للدولة السورية خلال مئة عام 1920-2020».

(7) ـ أنا مدين بالمعلومات والوثائق المتعلقة بقصة «التفاهم الأميركي - السوري» و بيع «عماد مغنية» للأميركيين إلى الراحل «وليد المعلم». وقد أشرت إلى ذلك في كتاب «دمشق الصهيونية ...» المذكور أعلاه، و وضعت الوثائق ذات الصلة ، بما فيها عدد من الرسائل المتبادلة بيني وبين «المعلم» حول هذه الأمور وغيرها في ملحق وثائق الكتاب. ولأنها المرة الأولى التي أنشر فيها شيئاً بعد وفاته في نوفمبر 2020، كان واجباً أخلاقياً عليّ أن أشير إلى ذلك علناً للمرة الأولى أيضاً، لاسيما وأن الكتاب قد لا يصدر أبداً، لعدم توفر ناشر، ولعدم قدرتنا المالية على نشره، فنحن - أنا وزوجتي - بالكاد نستطيع تأمين قوت يومنا، وأنا شخصياً لم أشتر بنطالاً أو قميصاً واحداً منذ عشر سنوات على الأقل، خصوصاً بعد أن اضطرت زوجتي لترك عملها مع الأمم المتحدة والانصراف إلى رعايتي بعد أن أصبحت مُقعداً.

المرفقات:

ـ مذكرة رئيس مكتب الأمن القومي «هشام الاختيار» إلى«بشار الأسد» حول ما جرى بينه وبين «مقرن بن عبد العزيز» في مطار دمشق.

ــ تعميم من «مكتب الأمن القومي» بتاريخ 21 / 6 / 2007  يتضمن توجيهاً إلى وزارة الدفاع وفروعها (لاسيما القوى الجوية والدفاع الجوي) بأن تغض النظر عن الاختراقات الأميركية للمجال الجوي السوري حتى عمق 20 كم، وأن تبني حاجزاً ترابياً في النقاط الميتة على امتداد الحدود العراقية - السورية، واعتقال جميع الإرهابيين الذاهبين إلى العراق والعائدين منه، تنفيذاً للتفاهم مع واشنطن.ويتضمن التعيم تويجهاً إلى وزير الخارجية «وليد العلم» بأن يبلغ القائم بالأعمال الأميركي «مايكل كوربين» بهذا القرار شفهياً.

ـ قرار «مكتب الأمن القومي» بتاريخ 31 / 3/ 2011 بإطلاق سراح جميع الإسلاميين الإرهابيين.