Thursday, 24 December 2020

برهان غليون في أرشيف المخابرات العامة الفلسطينية ـ وثيقة

 

برهان غليون موضوعاً لمراسلات بين المخابرات العامة الفلسطينية والقنصلية البريطانية في القدس المحتلة قبل تسع سنوات

◄زيارة «غليون» إلى ليبيا جرت بترتيب من المخابرات الخارجية الفرنسية و «حماس»

◄«برنار هنري ـ  ليفي» اجتمع مع «غليون» ثلاث مرات ورتب له لقاء مع السفير الإسرائيلي في باريس «يوسي غال»!؟

 

نزار  نيوف

   ليست مناسباتٍ قليلةً تلك التي أشاد خلالها قادة «وكالة المخابرات المركزية الأميركية» و «الموساد» الإسرائيلي برئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية، اللواء «ماجد فرج»، منذ أن كان رئيساً لجهاز المخابرات العسكرية، بسبب تعاونه مع الجهازين المذكورين في ملاحقة المناضلين الفلسطينيين وتسليمهم أو تصفيتهم. واليوم بين أيدينا وثيقة جديدة تشير إلى تعاون «فرج» مع المخابرات البريطانية أيضاً، ولكن على صعيد آخر. أما موضوع التعاون فليس سوى الدكتور «برهان غليون»، أول رئيس لـ «المجلس الوطني السوري» عند تشكيله في العام 2011.

    ليس الأمر مفاجئاً، حتى ولو أن «غليون» مواطن سوري ـ فرنسي، وليس فلسطينياً. فعمله مع «منظمة التحرير الفلسطينية» خلال السبعينيات والثمانينيات الماضية دفع أكثر من جهاز مخابرات إقليمي ودولي، فضلاً عن بعض السفارات العربية والغربية، للاستفسار عنه من منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية حين جرى تعيينه باتفاق فرنسي ـ قطري ـ تركي رئيساً لـ«المجلس الوطني السوري» حين تشكيله.  وكان الاستفسار عنه، بالنسبة لمن يجهله، أمراً منطقياً. فهؤلاء جميعاً كان يعتقدون أن سقوط النظام السوري ورأسه أصبح قاب قوسين أو أدنى، ولا بد ـ بالتالي ـ من التعرف على من سيخلفه، أو بالأحرى من كان يمنّي النفس بأنه سيخلفه. فغليون كان شخصاً مجهولاً تماماً في الغرب (باستثناء فرنسا)، وحتى معظم العالم العربي، بما في ذلك سوريا نفسها،إذا استثنينا بعض الأوساط الأكاديمية والثقافية النخبوية والنشطاء السياسيين.

    كتبتُ مراراً خلال السنوات الماضية عن علاقة «غليون» العتيقة بالإسلاميين والمخابرات الفرنسية، دون أن يكون لدي وثيقة سوى ما أخبرني به المراقب العام السابق لجماعة الأخوان المسلمين السورية، «علي صدر الدين البيانوني»، يوم خرجتُ من السجن صيف العام  2001وجئت إلى فرنسا وألمانيا للعلاج، حيث جاء ـ مشكوراً ـ لزيارتي في باريس وتهنئتي بالسلامة. والمفارقة في الأمر إني لم أعلم بتلك العلاقة رغم قرابة عشر سنوات من «الصداقة» و «الخبز والملح» اللذين جمعاني بالدكتور «غليون» قبل أن تنتهي علاقتنا وتواصلنا في 16 أيلول 2011. وحين نشرت ما أخبرني به «البيانوني»، لزم الدكتور «غليون» الصمت، رغم أن الآلاف تداولوا ما كتبته عن هذه القضية. وكذلك فعل حين نشر الشاعر العراقي «سعدي يوسف» قصةً ذات صلة حصلت أمامه أواخر الثمانينات أو مطلع التسعينيات بين الشاعر الفلسطيني الراحل «محمود درويش» و الدكتور «غليون» خلال إحدى المناسبات الاحتفالية في سفارة اليمن الديمقراطية السابقة (الجنوبية)في باريس. يومها ـ على ذمة «سعدي يوسف» ـ تكلم «درويش» مع «غليون» أمام الحضور بطريقة احتقارية وقال له « ولاه! بدك تشتغل مستشار عند عباسي مدني»!؟ وكان «درويش» يشير بذلك إلى زعيم «جبهة الإنقاذ الإسلامية» الجزائرية،الأخوانية ـ الوهابية ـ التكفيرية، التي تسببت بما يعرف بـ «العشرية السوداء» في الجزائر، حين قادت تمرداً مسلحاً بالبنادق وسواطير الذبح طوال عشر سنوات!


الوثيقة التي بين يدينا اليوم(منشورة جانباً،ويمكن تكبيرها بالنقر) هي «تقرير» من رئيس المخابرات العامة الفلسطينية،اللواء «ماجد فرج»، إلى القنصل البريطاني العام في القدس المحتلة، «فنسنت فين»، بتايخ 7 تشرين الثاني 2011، أي بعد شهر وبضعة أيام من تشكيل المجلس الوطني السوري في تركيا وتنصيب «غليون» رئيساً له. والقنصل هو ممثل بلاده لدى الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما يرد في تعريفه الرسمي على موقع القنصلية. ويبدو من مطلع التقرير أنه جاء جواباً على طلب معلومات عن «برهان غليون» أرسله القنصل (أو المخابرات البريطانية؟) بتاريخ 6 تشرين الأول 2011إلى المخابرات العامة الفلسطينية. وفيما يلي ترجمة حرفية لأهم ما ورد في رسالة اللواء «ماجد فرج» الجوابية إلى القنصل:


أولاً ـ إن «غليون» لم ينضم إلى منظمة التحرير الفلسطينية أو أي من فصائلها على الإطلاق، لكن حاول الانضمام إلى فصيل يساري فلسطيني في العام 1968 حين كانت المنظمة لا تزال في الأردن. ولكنه بعد أسبوعين من تجربة الحياة اليومية الصعبة في [غور] الأردن، قرر العودة إلى سوريا. وبعد العام 1982 جدد اتصالاته مع منظمة التحرير الفلسطينية حين أصبحت في تونس.


ثانيا ـ أوائل الثمانينيات، كلفه الرئيس الراحل «ياسر عرفات» بكتابة مقالات مدفوعة الأجر للدفاع عن جماعة الأخوان المسلمين السورية وجناحها المسلح«الطليعة الإسلامية المقاتلة»، التي كانت تخوض مواجهات مسلحة ضد النظام السوري. وقد نشر مقالاته باسم مستعار هو «باسم حموي». وعلى الرغم من ميوله العلمانية،كان يعتقد(وربما لا يزال) أن جماعة الإخوان المسلمين هي الجهة الوحيدة القادرة على التغيير الديمقراطي وإسقاط النظام في سوريا،وأنها أكثر الحركات أخلاقيةً في سوريا.في الوقت نفسه،كانت تربطه علاقات سياسية ومالية وثيقة مع نظام الرئيس العراقي «صدام حسين»،ولا سيما سفيرَيْه في باريس «منذرالونداوي» (أواخرالسبعينيات) والدكتور «عبد الرزاق قاسم الهاشمي»،منذ منتصف الثمانينيات حتى عام 1991 عندما قُطعت العلاقات الدبلوماسية العراقية ـ الفرنسية. وأثناء القطيعة العراقية ـ الفرنسية ، كان يجري إرسال التمويل العراقي إلى الدكتور «غليون» وزملائه السوريين المعارضين في فرنسا عبر قناة خلفية توفرها بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في باريس وكذلك بعض رجال الأعمال العرب الذين كانوا يعملون كواجهات غير رسمية لبغداد في فرنسا. واعتبارًا من عام 1996 ، تولى «إياد ميشيل عفلق» ، مندوب العراق الدائم لدى اليونسكو، هذه الوظيفة (إرسال الأموال) حتى سقوط نظام «صدام حسين» في عام 2003.

ثالثا ـ  بتكليف من المخابرات الخارجية الفرنسية، عمل «غليون» مستشاراً سياسياً لرئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر «عباسي مدني» خلال الفترة 1989-1990.

رابعاً ـ بالنظر لأن «غليون» ينحدر من أصول تركية، وله علاقة وثيقة بجماعة الأخوان المسلمين،فقد رشحته الحكومتان القطرية والتركية، بالاتفاق مع وزارة الخارجية الفرنسية، ليكون أول رئيس للمجلس الوطني السوري الذي جرى تشكيله الشهر الماضي في اسطنبول..

خامساً ـ  منذ تعيينه رئيساً للمجلس الوطني السوري، قام  البروفيسور «غليون» بالاتصال مع قيادة حركة «حماس» لإقناعها بحشد أنصارها في المخيمات الفلسطينية في سوريا ولبنان للمشاركة في الانتفاضة السورية ضد الرئيس الأسد. علماً بأن «حماس»، إضافة إلى تركيا وجماعة الإخوان المسلمين في سوريا،ساعدت في ترتيب زيارة «غليون» إلى ليبيا الشهر الماضي ولقائه بـ «مصطفى عبد الجليل» ، رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي المحسوب على شبكة الإخوان المسلمين العالمية. وقبل ذلك،اتصل البروفيسور «غليون» بالسلطة الوطنية الفلسطينية للغاية نفسها ، لكنه وجد آذانًا صماء. وبحسب مصادرنا في طرابلس (ليبيا)، فقد طلب من «مصطفى عبد الجليل» تزويد المعارضة السورية بالمقاتلين والأسلحة. وقد وافق الليبيون على تلبية طلبه بعد أن تعهدت تركيا له بالسماح لأية أسلحة أو مقاتلين قادمين من ليبيا باستخدام المطارات والموانئ التركية، خاصة في ولاية هاتاي [لواء اسكندرون السوري المحتل]. وبحسب المصادر ذاتها، فقد شارك مسؤول رفيع المستوى من المخابرات الخارجية الفرنسية في اجتماعات البروفيسور «غليون» مع زعماء ليبيا الجدد.

سادساً ـ منذ اندلاع الانتفاضة السورية في آذار الماضي،سعى البروفيسور«غليون» للقاء السفير الإسرائيلي في باريس ، «يوسي غال» ، المتحدث السابق باسم الوفد الإسرائيلي إلى المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية. و وفقاً لمصادر المخابرات العامة الفلسطينية والبعثة الديبلوماسية الفلسطينية في باريس،فإن المفكر الفرنسي البارز «برنار هنري- ليفي» [المعروف بعلاقته مع إسرائيل والموساد] ، الذي التقى مؤخرا مع الأستاذ «غليون» ثلاث مرات ، إحداها قبل نحو أسبوع من الآن ، هو الذي رتب له اللقاء مع السفير الإسرائيلي بهدف «إرسال رسالة تطمين إلى إسرائيل بأن الحكومة السورية المقبلة بعد سقوط النظام السوري ستعمل على إبرام اتفاق سلام مع إسرائيل على أساس القرار 242 ، وستقطع أقدام إيران وحزب الله في سوريا وستمنع استخدام الأراضي السورية لإيصال أسلحة إلى الإرهابيين في الأراضي اللبنانية والفلسطينية ».

نأمل أن تكون هذه المعلومات مفيدة.

اللواء ماجد فرج

رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية.

No comments:

Post a Comment

Note: only a member of this blog may post a comment.